تقييم لصفقات البيع التى أبرمها تشيلسى وتأثيرها على النادي!
فى العام الاول لاستحواذهما على تشيلسى، أنفق تود بوهلي (رئيس النادي) ومجموعة «كليرليك كابيتال» الأميركية حوالى 644 مليون جنيه إسترليني على التعاقدات الجديدة، 266 مليون جنيه إسترليني فى الصيف الماضي، و282 مليون جنيه إسترليني فى يناير (كانون الثانى)، و96 مليون جنيه إسترليني أخرى فى مدة الصفقات الصيفية الحالية. ونظرا لأن النادي لم يحصل إلا على 54.5 مليون جنيه إسترليني فقط مـن مبيعات اللاعبـين العام الماضي، وبالنظر الي الحاجة الي تقليص قائمة النادي تحت قيادة المدير الفنى الجديـد الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو، سمح تشيلسى لكثير مـن اللاعبـين البارزين بالرحيل هذا الصيف. لكن هل تصرف النادي بحكمة بينما يتعلق بالتخلي عَنْ خدمات هؤلاء اللاعبـين؟
كاي هافرتز (60 مليون جنيه إسترليني الي آرسنال)
كانـت مسيرة كاي هافرتز مع تشيلسى مثيرة للحيرة والفضول، فقد سجل النجـم الألماني الشاب هـدف الفـوز بدوري أبطال أوروبا فى نهائى 2021، لكنه لم يرصد أبدا المستويات المتوقعة منه وهو يلعـب فى مركز المهاجم الصريح التقليدي. قد يبدو بيعه بخسارة قدرها سبعة ملايين جنيه إسترليني فقط بعد ثلاث اعوام مع النادي عملاً معقولاً تماما مـن الناحية التجارية، لولا بيعه للمنافس التقليدي آرسنال، الذى يمكن ان يساعد هافرتز على اللعب بالطريقة التى تجعله يبدع دَاخِلٌ الْمَلْعَبُ مرة أخرى.
ميسون ماونت (55 مليون إسترليني الي مانشستر يونايتد)
كان رحيل ميسون ماونت – الصاعد مـن أكاديمية الناشئين بتشيلسي والذي يحظى بشعبية جارفة بين جمهور النادي اللندني – الي المنافس التقليدي مانشستر يونايتد سيعتبر أمراً مثيراً للدهشة الشديدة الصيف الماضي، لكن ماونت عانى كثيرا اثناء معظم فترات العام الماضي الصعب. وفشل ماونت فى الظهور بشكل جيد والتأثير فى نتائـج المباريات كَمَا كان يفعل تحت قيادة المدير الفنى الألماني توماس توخيل، ومع تبقي عَامٌ واحد على نهاية عقده مع تشيلسى، تأثر ماونت كثيرا باهتمام كل مـن بايرن ميونيخ ومانشستر يونايتد بالحصول على خدماته، خاصة وأن الناديين سيساعداه على اللعب فى دورى أبطال أوروبا. وافق تشيلسى فى نهاية المطاف على بيعه الي يونايتد مقابل 55 مليون جنيه إسترليني، وهو المبلغ الذى يمكن ان يرتفع الي 60 مليون جنيه إسترليني – وهو مكسب غير متوقع مـن بيع لاعـب قد لا يكون مناسبا تماما لطريقة اللعب التى سيعتمد عليها المدير الفنى الجديـد ماوريسيو بوكيتينو.
ماتيو كوفاسيتش (25 مليون إسترليني الي مانشستر سيتي)
انتقل ماتيو كوفاسيتش، الذى كان ثالث لاعـب يبيعه تشيلسى بأكثر مـن 20 مليون جنيه إسترليني هذا الصيف، الي منافس تقليدي مـن بين الأربعة الأوائل فى ترتيـب الدورى الانجليزي الممتاز. وكما هى الحال مع هافرتز، يبدو ان تشيلسى سعيد للسماح لكوفاسيتش بالانضمام الي فريق أقوى يمكنه أيضاً الاستفادة بشكل افضل مـن قدراته وإمكاناته الكبيرة. ومنذ انضمامه لتشيلسي لأول مرة مـن ريال مدريد على سبيل الإعارة فى عَامٌ 2018، لم ينجح اللاعب الكرواتي فى ان يكون عنصراً أساسياً فى صفـوف النادي، فقد لعب 221 مباراة، لكنه فشل فى لعب 90 دقيقة كاملة فى 144 مباراة مـن هذه المباريات. وبالتالي، ربما يكون مـن الواقعي عدم القلق كثيراً بشأن ما يمكن للاعب البالغ مـن العمر 29 عاماً ان يضيفه الي مانشستر سيتي المتوج بالثلاثية التاريخية اثناء العام الماضي. ومع ذلك، فإن رحيل كوفاسيتش وماونت فى الوقت نفسه يقلل كثيراً مـن خيارات بوكيتينو فى مركز محور الارتكاز، وهو ما يجعل النادي بحاجة ماسة للتعاقد مع موسيس كايسيدو مـن برايتون.
خاليدو كوليبالي (20 مليون إسترليني الي الهلال السعودي)
اثناء الصيف الماضي، تعاقد تشيلسى مع المدافع السنغالي الدولى كاليدو كوليبالي، البالغ مـن العمر 31 عاماً، لمدة أربع اعوام، ودفع لنابولي 33 مليون جنيه إسترليني. لقد كانـت صفقة تبدو مبالغة بشكل مثير للقلق، واعتمدت فى الأساس على قدرة كوليبالي على إعادة تقديم المستويات الكبيرة التى كان يقدمها فى الدورى الإيطالي الممتاز فى الدورى الانجليزي الممتاز. لكن ذلك لم يحدث على الإطلاق، وقلص تشيلسى خسائره مـن الصفقة مـن اثناء بيع اللاعب الي الهلال السعودي مقابل 20 مليون جنيه إسترليني. لكن بوكيتينو يجد نفسه الان يعاني مـن قلة الخيارات فى مركز قلب الدفـاع، بعد اصابه ويسلي فوفانا بقطع فى الرباط الصليبي الأمامي للركبة.
كريستيان بوليسيتش (17.1 مليون إسترليني الي ميلان)
اثناء أربعة مواسم قضاها فى ستاد «ستامفورد بريدج»، لم ينجح الأميركي كريستيان بوليسيتش فى ان يكون المهاجم الاساسى للفريق، والدليل على ذلك ان النادي واصل السعي لضم مهاجمين جدد للعب فى مركزه. ربما كان بوليسيتش يعتقد ان الملكية الجديدة بقيادة رجل الأعمال الأميركي تود بوهلي ستكون داعمة له وستغير مـن الواقع الذى يعانيه، لكنه بدلا مـن ذلك وجد نفسه يباع الي ميلان الإيطالي فى صفقة تكبد فيها تشيلسى خسارة فادحة تصل الي نحو 40.5 مليون جنيه إسترليني، عَنْ المبلغ الذى دفعه النادي اللندني للتعاقد معه قادما مـن بوروسيا دورتموند فى عَامٌ 2019. وفي ضوء الإصابات المتكررة للاعب الأميركي، وراتبه الكبير، وتبقي عَامٌ واحد على نهاية عقده، لم يكن امام تشيلسى خيار آخر سوى التخلص منه هذا الصيف. ومع ذلك، لا يزال بوليسيتش يبلغ مـن العمر 24 عاماً فقط، وإذا استطاع مـن الحفاظ على لياقته البدنية وابتعدت عنه الإصابات، فقد يكون إحدى أكبر الأنتقالات الجيدة لميلان فى مدة الصفقات الحالية.
إدوارد ميندي (16 مليون إسترليني الي الاهلي السعودي)
كان صعود حارس المرمى السنغالي مـن الدوريات الأدنى فى فرنسا الي دورى أبطال أوروبا والحصول على كاس الأمم الأفريقية مع منتخـب بلاده مـن أكثر الحكايات إلهاماً وإثارةً للإعجاب فى كرة القـدم الحديثة. وجد ميندي نفسه الخيار الثانى للإسباني كيبا أريزابالاغا العام الماضي، كَمَا ان مشاركته فى المباريات كانـت ستقل بشكل أكبر بعد فشل النادي فى التأهل الي الالقاب الأوروبية اثناء العام القادم. أدى وصول الحارس الأميركي الشاب الموهوب غابرييل سلونينا الي التعجيل برحيل ميندي بخسارة قدرها ستة ملايين جنيه إسترليني عَنْ المبلغ الذى دفعه تشيلسى للتعاقد معه، لكن مـن الواضح ان رحيل النجـم السنغالي ستكون له آثار تتجاوز الناحية المالية بكثير.
روبن لوفتوس تشيك (15 مليون جنيه إسترليني الي ميلان)
أعرب روبن لوفتوس تشيك عَنْ إحباطه الكبير بعد فشل مسيرته الكروية فى تشيلسى بعد ما يقرب مـن عقدين مـن الزمان مع النادي الذى لعب له منذ ان كان طفلا صغيرا. وقال اللاعب الانجليزي الدولى عَنْ الموسمين اللذين قضاهما مع النادي الاول ولم يلعـب خلالهما بشكل منتظم: «شعرت أنه يتعين علي تقديم المزيد، لكنني لم أحصل على الفرصة». ومع بقاء عَامٌ واحد على عقده مع النادي اللندني، فإن صفقة الانتقال الي ميلان قد تناسب جميع الأطراف.
إيثان أمبادو (7 ملايين إسترليني الي ليدز)
واصل تشيلسى عملية التخلص مـن اللاعبـين الذين لا يحتاجهم، وباع الويلزي إيثان أمبادو، الذى يجيد اللعب فى أكثر مـن مركز، الي ليدز يونايتد الهابط الي دورى الدرجة الأولى. بينما هذه الأنتقالات تعني حصول تشيلسى هذا الصيف على نحو 220 مليون جنيه إسترليني قبل الإضافات والحوافز المالية الاخرى، بينما لم ينفق النادي سوى أقل مـن 100 مليون جنيه إسترليني على شراء لاعبين جدد، حيـث تعاقد مع كل مـن كريستوفر نكونكو، ونيكولاس جاكسون، وأنغيلو. ويبدو ان أيام بوهلي فى الإنفاق المحفوف بالمخاطر لم تنته بعد!
لاعبون للبيع
لم ينته تشيلسى بعد مـن عملية تقليص التشكيلة، وهناك بعض اللاعبـين الذين لا يريد النادي استمرارهم، ومرشحون للرحيل اثناء هذا الصيف، وكذلك لاعبون لم يتضح مستقبلهم بعد. ويسعى النادي للحصول على 40 مليون جنيه إسترليني للتخلي عَنْ خدمات المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو، الذى كان انتقاله لتشيلسي مقابل 97.5 مليون جنيه إسترليني فى عَامٌ 2021 مـن أسوأ الأنتقالات على الإطلاق فى تاريخ الدورى الانجليزي الممتاز! وكان المغربى حكيم زياش قريباً مـن الرحيل فى مناسبتين قبل ان تنهار الامور فى اللحظات الاخيره، ومن المنتظر أيضاً ان يرحل كالوم هدسون أودوي أخيراً هذا الصيف.
رحيل مجاني
كان بوكيتينو على استعداد للسماح للمهاجم الغابوني بيير إيمريك أوباميانغ بالانضمام الي مرسيليا مجاناً، ليسدل الستار على مدة اللاعب الكارثية فى ستاد «ستامفورد بريدج». وشملت قائمة اللاعبـين الذين رحلوا عَنْ تشيلسى مجاناً هذا الصيف كلاً مـن تيموي باكايوكو وعبد الرحمن بابا. كَمَا انتقل لاعبان بارزان آخران مجاناً – نغولو كانتي وسيزار أزبيليكويتا – ويعني رحيلهما ان النادي سيوفر أكثر مـن 400 ألف جنيه إسترليني فى الاسبوع كان اللاعبان يحصلان عليها – لكن ذلك سيحرم النادي أيضا مـن خبرات هائلة كان يريد اليها بشدة.
تقييم
ضعفت مراكز كثيرة فى تشيلسى بسـبب سوء التخطيط بينما يتعلق بالصفقات الجديدة على مدى مواسم عديدة، لكن تشيلسى أبرم مؤخراً بعض الأنتقالات التى تبدو ذات قيمة جيدة. يمثل بيع هافرتز وماونت وكوفاسيتش مخاطرة كبيرة، لكن لا يمكن الحكـم على الامور الان. والآن، يعول الجمهور كثيراً على اللاعبـين الذين تعاقد معهم النادي بمقابل مادي كثير، مثل الأرجنتيني إنزو فرنانديز والأوكراني ميخايلو مودريك. والأمر متروك الان لبوكيتينو لكي يساعد هؤلاء اللاعبـين على تقديم افضل ما لديهم دَاخِلٌ المستطيل الأخضر، ومساعدة المشجعين على نسيان هذا الصيف الصعب. وإذا نجح بوكيتينو فى ذلك، فسيكون التعاقـد مع المدير الفنى السابق لتوتنهام هو افضل صفقة أبرمها بوهلي هذا الصيف!
وأعرب بوكيتينو، عَنْ دعمه لكل مـن فرنانديز مودريك ورحيم سترلينغ مـن اجل تقديم مستويات تتناسب مع المبالغ المالية الكبيرة التى دفعها النادي للتعاقد معهما، لكنه حذر نجومه المتعثرين مـن أنه لن تكون هناك أية أعذار لتقديم مستويات غير جيدة العام القادم.
ويحرص بوكيتينو على رفـع الحالة المعنوية فى «ستامفورد بريدج»، ويدرك تماما ان التغيير الكبير الذى حدث فى النادي جعل مـن الصعب على اى لاعـب جديد ان يشعر بالاستقرار. ولم يرصد فرنانديز ومودريك أداء جيداً منذ انضمامهما بمقابل مادي كثير فى مدة الصفقات الشتوية الماضية، بينما لم يَتَهَيَّأُ سترلينغ افضل مستوياته منذ انتقاله لتشيلسي قادماً مـن مانشستر سيتي مقابل 47.5 مليون جنيه إسترليني الصيف الماضي، كَمَا قدم مارك كوكوريلا أداء مثيراً للإحباط منذ قدومه مـن برايتون مقابل 62 مليون جنيه إسترليني.
وقال بوكيتينو: «يتعين عليهم إظهار جودتهم الحقيقية. ويتعين علينا ان نهيئ لهم الأجواء التى تجعلهم يشعرون بالراحة، وأن نخلق لهم المساحة التى تساعدهم على التطور والتحسن. لقد جاء هؤلاء اللاعبون فى ظروف صعبة، وهو ما يمثل تحديا كبيرا بالنسبة لنا، لأننا نحب العمل بهذه الطريقة. يتعين علينا ان نمنحهم الفرصة لإظهار أنهم قادرون على التعامل مع الضغوط الناجمة عَنْ اللعب لتشيلسي».
وحطم تشيلسى الرقم القياسي لأغلى صفقة فى تاريخ كرة القـدم البريطانية عندما تعاقد مع فرنانديز مـن بنفيكا مقابل 106.8 مليون جنيه إسترليني. كان لاعـب الوسـط الأرجنتيني قد حَقَّق فوزا للتو بكأس العالم مع منتخـب بلاده، لكنه لم ينجح فى تقديم مستويات ثابتة مع النادي اللندني.
وقال بوكيتينو: «كان مـن المهم ان يحصل على قسط مـن الراحة، لانه لعب بشكل متواصل على مدار عَامٌ ونصف العام. لقد جاء مـن الأرجنتين الي البرتغال، ثم انتقل مـن البرتغال للعب فى كاس العالم، ثم انتقل الي إنجلترا، ولم يحصل على اى راحة لمدة عَامٌ ونصف العام. إنه لاعـب صغير فى السن ويمتلك طاقة هائلة، ووصل تشيلسى فى ظروف صعبة، إنه لا يزال صغيرا فى السن، وبحاجة للتعرف على أجواء اللعب فى الدورى الانجليزي الممتاز. لقد أصبح يعرف الان ما يتطلبه اللعب لناد مثل تشيلسى، وأصبح يعرف لندن، ويتواصل بشكل افضل، وسوف نساعده فى كل هذه الجوانب».
اما مودريك، الذى انتقل لتشيلسي قادماً مـن شاختار دونيتسك مقابل 88.5 مليون جنيه إسترليني، فأكد بوكيتينو أنه سيحاول وضع افضل استراتيجية ممكنة لمساعدته على تقديم المستويات التى يتوقعها منه تشيلسى.
الي ذلك يعلم بوكيتينو جيدا قدرات سترلينغ، وسيعمل على إعادة اللاعب لتقديم المستويات المعروفة عنه بعدما عانى المهاجم الانجليزي الدولى كثيرا مـن الناحيتين الفنية والبدنية العام الماضي. وقال بوكيتينو: «نحن نتحدث عَنْ لاعـب جيد حقاً، لكن فى بعض الأحيان لا يكون مـن السهل على اللاعب ان يتكيف بسرعة مع ناديه الجديـد ويقدم نفس الأداء الذى كان يقدمه مع ناديه السابق. إننا بحاجة الي تقليل عَدَّدَ لاعبى النادي، لأن القائمة كبيرة جدا. يجب ان يحصل اللاعبون على المساحة الكافية فى ستاد التدريب، ثم فى النادي».
وكان تشيلسى قد أنهى العام الماضي فى المركـز الثانى عشر فى ترتيـب الدورى الانجليزي الممتاز، وهو أسوأ مركز له مـن عقود، وسيكون على بوكيتينو تصحيح هذا الامر، وتقديم مردود جيد بشكل سريع يطمئن الجماهير.
*خدمة «الغارديان»